responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 29
عَمَلِهِ يُكْثِرُ مِنْهُ، فَإِذَا قَالَ اللَّهُ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ فَالْعَبْدُ يُتْقِنُ عَمَلَهُ وَيُخَلِّصُهُ لَهُ وَإِذَا قَالَ بِأَنَّ جِهَادَهُ لِنَفْسِهِ يُكْثِرُ مِنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّ اللَّهَ تعالى لما قال: مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ جَاهَدَ رَبِحَ بِجِهَادِهِ مَا لَوْلَاهُ لَمَا رَبِحَ فَنَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ بِحُكْمِ الْوَعْدِ لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَبَيَانُهُ هُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا جَاهَدَ يُثِيبُهُ فَإِذَا أَتَى بِهِ هُوَ يَكُونُ جِهَادًا نَافِعًا لَهُ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّ اللَّهَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُثِيبَ عَلَى الْعَمَلِ لَوْلَا الْوَعْدُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا بِالْعَمَلِ وَلَا دَلَالَةَ لِلْآيَةِ عَلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: فَإِنَّما يَقْتَضِي الْحَصْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ جِهَادُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ فَحَسْبُ وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ جَاهَدَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَمَنْ يُرِيدُ هُوَ نَفْعَهُ، حَتَّى أَنَّ الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ بِبَرَكَةِ الْمُجَاهِدِ وَجِهَادِهِ يَنْتَفِعَانِ فَنَقُولُ ذَلِكَ نَفْعٌ لَهُ فَإِنَّ انتفاع الولد انتفاع للأب والحصر هاهنا مَعْنَاهُ أَنَّ جِهَادَهُ لَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ نَفْعٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْأُولَى: تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ رِعَايَةَ الْأَصْلَحِ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ لِأَنَّهُ بِالْأَصْلَحِ لَا يَسْتَفِيدُ فَائِدَةً وَإِلَّا لَكَانَ مُسْتَكْمِلًا بِتِلْكَ الْفَائِدَةِ وَهِيَ غَيْرُهُ وَهِيَ مِنَ الْعَالَمِ فَيَكُونُ مُسْتَكْمِلًا بِغَيْرِهِ فَيَكُونُ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ، وَأَيْضًا أَفْعَالُهُ غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ لِمَا بَيَّنَّا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي مَكَانٍ وَلَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ عَلَى الْخُصُوصِ فَإِنَّهُ مِنَ الْعَالَمِ وَاللَّهُ غَنِيٌّ عَنْهُ وَالْمُسْتَغْنِي عَنِ الْمَكَانِ لَا يُمْكِنُ دُخُولُهُ فِي مَكَانٍ لِأَنَّ الداخل في المكان يشار إليه بأنه هاهنا أَوْ هُنَاكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ، وَمَا يُشَارُ إليه بأنه هاهنا أَوْ هُنَاكَ يَسْتَحِيلُ أَنْ لَا يُوجَدُ لَا هاهنا وَلَا هُنَاكَ وَإِلَّا لَجَوَّزَ الْعَقْلُ إِدْرَاكَ جِسْمٍ لَا فِي مَكَانٍ وَإِنَّهُ مُحَالٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ لَيْسَتْ قَادِرِيَّتُهُ بِقُدْرَةٍ وَلَا عَالَمِيَّتُهُ بِعِلْمٍ وَإِلَّا لَكَانَ هُوَ فِي قَادِرِيَّتِهِ مُحْتَاجًا إِلَى قُدْرَةٍ هِيَ غَيْرُهُ وَكُلُّ مَا هُوَ غَيْرُهُ فَهُوَ مِنَ الْعَالَمِ فَيَكُونُ مُحْتَاجًا وَهُوَ غَنِيٌّ، نَقُولُ لِمَ قُلْتُمْ إِنَّ قُدْرَتَهُ مِنَ الْعَالَمِ وَهَذَا لِأَنَّ الْعَالَمَ كُلُّ مَوْجُودٍ سِوَى اللَّهِ بِصِفَاتِهِ أَيْ كُلُّ مَوْجُودٍ هُوَ خَارِجٌ عَنْ مَفْهُومِ الْإِلَهِ الْحَيِّ الْقَادِرِ الْمُرِيدِ الْعَالِمِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَالْقُدْرَةُ لَيْسَتْ خَارِجَةً عَنْ مَفْهُومِ الْقَادِرِ، وَالْعِلْمُ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ مَفْهُومِ الْعَالِمِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْآيَةُ فِيهَا بِشَارَةٌ وَفِيهَا إِنْذَارٌ، أَمَّا الْإِنْذَارُ فَلِأَنَّ اللَّهَ إِذَا كَانَ غَنِيًّا عَنِ/ الْعَالَمِينَ فَلَوْ أَهْلَكَ عِبَادَهُ بِعَذَابِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِغِنَاهُ عَنْهُمْ وَهَذَا يُوجِبُ الْخَوْفَ الْعَظِيمَ، وَأَمَّا الْبِشَارَةُ فَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ غَنِيًّا، فَلَوْ أَعْطَى جَمِيعَ مَا خَلَقَهُ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عنه، وهذا يوجب الرجاء التام. ثم قال تعالى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 7]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (7)
لَمَّا بَيَّنَ إِجْمَالًا أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ بَيَّنَ مُفَصِّلًا بَعْضَ التَّفْصِيلِ أَنَّ جَزَاءَ الْمُطِيعِ الصَّالِحِ عَمَلُهُ فَقَالَ:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ مُغَايِرَةٌ لِلْإِيمَانِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ التَّغَايُرَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ دَاخِلَةٌ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّ تَكْفِيرَ السيئات والجزاء

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست